للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمل الصالح، ومن تأمل هذه الشريعة في مواردها ومصادرها ونظر ما جاءت به من الأحكام العظيمة العادلة والإحسان إلى الخلق ورعاية الفقراء والمحاويج والصغار والكبار وغيرهم حتى البهائم اعتنت بها الشريعة وحرمت ظلمها والتعدي عليها، عرف أنها شريعة من حكيم حميد خبير بأحوال عباده عليم بما يصلحهم، وعرف أيضا أنها من الدلائل القاطعة على وجوده سبحانه وتعالى وكمال قدرته وحكمته وعلمه، وعلى صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقا وهكذا من نظر في ما جاءت به الشريعة من رعاية في أحوال العباد أغنيائهم وفقرائهم ملاكهم وعمالهم، حكامهم ومحكوميهم أفرادهم وجماعاتهم، قد راعتهم جميعا وجعلت لهم أحكاما مبنية على المصلحة والعدالة والإنصاف والإحسان والرحمة فهذه الشريعة كلها مصالح، كلها حكم، كلها هدى، كلها عدل، وكل شيء خرج من العدل إلى الجور ومن المصلحة- إلى العبث ومن الرحمة إلى ضدها فليس من الشريعة في شيء وإن نسب إليها بالتأويل كما ذكر معنى ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله، فالشريعة كلها رحمة وعدل وحكمه، وكلها رعاية لمصالح العباد بعيدة عن العبث والظلم والمشقة، ومن تأمل ما تقدم عرف ما أردته في الشق الثاني من عنوان هذه المحاضرة وهو أن البشر في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة لما اشتملت عليه من المصالح العظيمة وأنها راعت مصالح العباد في المعاش والمعاد، وهيأت لهم السبل التي توصلهم إلى النجاة والسعادة، وبين سبحانه وتعالى في كتابه أن شريعته صراط مستقيم، صراط واضح ومنهج قيم

<<  <  ج: ص:  >  >>