للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من استقام عليه نجا، ومن حاد عنه هلك، ومن تأمل هذا حق التأمل عرف أن هذه الشريعة كسفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، فهكذا هذه الشريعة العظيمة من تمسك بها واستقام عليها نجا، ومن حاد عنها هلك ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبذلك يتضح للبيب أن العباد جميعا في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة، لما فيها من حل مشاكلهم، ولما فيها من أحكام عادلة، ولما فيها من التوسط بين الاشتراكية الإلحادية الماركسية المنحرفة وبين الرأسمالية الغاشمة الظالمة، فهي وسط في كل شيء، وسط في اقتصادها بين اشتراكية الملحدين وماديتهم وبين، الرأسمالية الغاشمة التي لا حدود لها، فهي وسط بين طرفين، عدل بين جورين، وكذلك وسط في جميع أمورها لا تطرف في غلو ولا تطرف في جفاء، بل هي وسط في شأنها كله هذه الشريعة العظيمة وسط في الإنفاق والإمساك لا إسراف وتبذير ولا إمساك وتقتير، بل. هي وسط بين ذلك، كما قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (١) وكما قال سبحانه في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (٢) فمن تأمل هذا الأمر وعني به عرف أنها دين ودولة، ومصحف وسيف، عبادة وحسن معاملة، جهاد وأعمال صالحة، إنفاق وإحسان وطاعة لله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم توبة من الماضي وعمل للمستقبل فيها كل خير فهي جمعت خير الدنيا والآخرة، لا يجوز أن يفصل ديننا عن دنيانا


(١) سورة الإسراء الآية ٢٩
(٢) سورة الفرقان الآية ٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>