للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا دنيانا عن ديننا، بل ديننا ودنيانا مرتبطان ارتباطا وثيقا في هذه الشريعة، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (١) فهي حاكمة على الناس كلهم، على الأمراء وغير الأمراء، على الأفراد وعلى الجماعات، عليهم جميعا أن يكونوا تحت حكمها وتحت سلطانها في كل شيء، ومن زعم فصل الدين عن الدولة وأن الدين محله المساجد والبيوت وأن للدولة أن تفعل ما تشاء وتحكم بما تشاء فقد أعظم على الله الفرية، وكذب على الله ورسوله وغلط أقبح الغلط، بل هذا كفر وضلال بعيد عياذا بالله من ذلك، بل جميع العباد مأمورون بالخضوع لأحكام الشريعة وتشريعاتها في العبادات وغيرها، ويجب على الدولة أن تكون منفذة لحكم الشريعة سائرة تحت سلطانها في جميع تصرفاتها، وعلى هذا سار النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وسار أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وسار عليه أئمة الإسلام بعد ذلك في كل شيء وقد جعل الله هذه الشريعة روحا ونورا وحياة للناس، وبهذا تعرف أنك في أشد الضرورة إلى هذه الشريعة، وأن البشر كلهم في ضرورة إليها، لأنها الحياة، ولأنها النور، ولأنها الصراط المستقيم المفضي إلى النجاة وما عداها فظلمة وموت وشقاء، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} (٢) فجعل من خرج عن


(١) سورة النساء الآية ٥٨
(٢) سورة الأنعام الآية ١٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>