للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالله جل وعلا يبتلي عبادة بأسباب ما يقع منهم من خلل في أوامره، أو نواهيه، يبتليهم بأشياء فإن صبروا وبادروا بالتوبة والإصلاح، وعالجوا الأوضاع بالرجوع إلى أمر الله، والتوبة مما حصل منهم من تضييع أمر الله، أو ركوب محارم الله، أصلح الله حالهم، واستقاموا، ورد لهم ما كان شاردا وأصلح لهم ما كان فاسدا، وأعطاهم بعد الخوف أمنا، وبعد الذل عزا، وإن استمروا في طغيانهم، وضلالهم، وما وقعوا فيه من إصرار في تضييع أمر الله، وركوب محارمه، ابتلاهم بأنواع العقوبات.

ولهذا قال جل وعلا، فيما ذكر عن نبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١) ثم فصل القضية فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (٢) فأبان سبحانه: أن أهل الشرك هم أهل الخوف، وهم أولى بالخوف، وعدم الأمن، لأنهم أشركوا بالله وظلموا عباد الله، وتعدوا حدوده، فصاروا أولى بالخوف، وعدم الأمن، ولهذا لا أمن لهم، فهم مهددون بالعقوبة والنقمات في سائر الأوقات، قال جل وعلا: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (٣) فهم لا


(١) سورة الأنعام الآية ٨١
(٢) سورة الأنعام الآية ٨٢
(٣) سورة الرعد الآية ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>