للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزالون في أنواع البلايا والمحن والنقمات بأسباب كفرهم وضلالهم، وعنادهم للحق، واستكبارهم عن طاعة الله عز وجل، أما أهل الإيمان والتقوى فلهم الأمن العاجل والآجل، والذين آمنوا ووحدوا الله، وأخلصوا له العبادة، واستقاموا على أمره، ولم يلبثوا إيمانهم بظلم، المعنى: ولم يخلطوا إيمانهم بظلم أي: بشرك. واللبس أي الخلط، {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (١) جاء في الحديث الصحيح: «أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، لما نزلت هذه الآية جاءوا النبي صلى الله عليه وسلم وجثوا عنده على الركب وقالوا: يا رسول الله نزلت آية لا نطيقها. من هو الذي لا يلبس إيمانه بظلم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ليس هو الظلم الذي تعنون: ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إنما هو الشرك (٣) » . فبين لهم عليه الصلاة والسلام: أن الظلم الذي يمنع الأمن والاهتداء مطلقا: هو الشرك بالله عز وجل، والكفر به سبحانه وتعالى.

وبهذا يعلم أن من أشرك بالله، وكفر به، لا أمن له، ولا هداية له في الدنيا والآخرة، بل هو ضلال مضل في الدنيا والآخرة، وعاقبته وخيمة: عاقبته النار مع ما له في الدنيا من أنواع العقوبات والنقمات، وما يحل به من أنواع الكوارث، وقد يستدرج الكافر والعاصي، ويملى لهما، حتى تكون عقوبتهما أكثر، وحتى يكون جزاؤهما أشد وأغلظ، قال جل وعلا: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} (٤) فقد يؤجل


(١) سورة الأنعام الآية ٨٢
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٢) ، صحيح مسلم الإيمان (١٢٤) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٠٦٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٧٨) .
(٣) سورة لقمان الآية ١٣ (٢) {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
(٤) سورة إبراهيم الآية ٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>