يخوضوا في ذلك ولم يسألوا عنه، بل آمنوا بالله سبحانه، وبما أخبر به عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولم يزيدوا، مع إيمانهم بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وعلى كل من وجد شيئا من هذه الوساوس، أو ألقي إليه شيء منها أن يستعظمها وينكرها من أعماق قلبه إنكارا شديدا، وأن يقول: آمنت بالله ورسله، وأن يستعيذ بالله من نزغات الشيطان، وأن ينتهي عنها ويطرحها كما أمر الرسول بذلك في الأحاديث السابقة، وأخبر أن استعظامها وإنكارها هو صريح الإيمان، وعليه أن لا يتمادى مع السائلين في هذا الباب؛ لأن ذلك قد يفضي إلى شر كثير وإلى شكوك لا تنتهي فأحسن علاج للقضاء على ذلك والسلامة منه هو امتثال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، والتمسك به والتعويل عليه، وعدم الخوض فيه، وهذا هو الموافق لقول الله عز وجل:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(١)
فالاستعاذة بالله سبحانه، واللجوء إليه وعدم الخوض فيما أحدثه الموسوسون وأرباب الكلام الباطل من الفلاسفة ومن سلك سبيلهم، من الخوض في باب أسماء الله وصفاته وما استأثر الله بعلمه، من غير حجة ولا برهان - هو سبيل أهل الحق والإيمان، وهو طريق السلامة والنجاة والعافية من مكايد شياطين الإنس والجن، وفقني الله وإياك وسائر المسلمين للسلامة من مكائدهم، ولهذا لما سأل بعض الناس أبا هريرة رضي الله عنه عن هذه الوسوسة: حصبهم بالحصى ولم يجبهم على سؤالهم، وقال: صدق خليلي.
ومن أهم ما ينبغي للمؤمن في هذا الباب: أن يكثر من تلاوة القرآن الكريم وتدبره؛ لأن فيه من بيان صفات الله وعظمته وأدلة وجوده، ما يملأ القلوب إيمانا ومحبة وتعظيما، واعتقادا جازما بأنه سبحانه هو رب كل شيء ومليكه وأنه الخالق لكل شيء والعالم بكل شيء، لا إله غيره ولا رب سواه.