للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته (١) » . وفي رواية: «لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ (٢) » قال فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ قال فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال: قوموا قوموا صدق خليلي. وفي الصحيح أيضا عن أنس بن مالك عن رسول الله قال: «قال الله: إن أمتك لا يزالون يسألون ما كذا؟ ما كذا؟ حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ (٣) » انتهى المقصود من كلام الشيخ رحمه الله.

ولعله يتضح لك أيها السائل ولزميلك الذي أورد عليك الشبهة، مما ذكرنا من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم ما يزيل الشبهة ويقضي عليها من أساسها ويبين بطلانها؛ لأن الله سبحانه لا شبيه له، ولا كفو له، ولا ند له، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو الخالق لكل شيء وما سواه مخلوق،.

وقد أخبرنا في كتابه المبين وعلى لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، بما يجب اعتقاده في حقه سبحانه، وبما يعرفنا به ويدلنا عليه من أسمائه وصفاته وآياته المشاهدة، من سماء وأرض وجبال وبحار وأنهار وغير ذلك من مخلوقاته عز وجل، ومن جملة ذلك نفس الإنسان فإنها من آيات الله الدالة على قدرته وعظمته وكمال علمه وحكمته، كما قال عز وجل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (٤) وقال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} (٥) {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (٦)

أما كنه ذاته وكيفيتها وكيفية صفاته فذلك من علم الغيب الذي لم يطلعنا عليه، فالواجب علينا فيه: الإيمان والتسليم وعدم الخوض في ذلك، كما وسع ذلك سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، فإنهم لم


(١) صحيح البخاري بدء الخلق (٣٢٧٦) ، صحيح مسلم الإيمان (١٣٤) ، سنن أبو داود السنة (٤٧٢٢) .
(٢) صحيح مسلم الإيمان (١٣٤) .
(٣) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٩٦) ، صحيح مسلم الإيمان (١٣٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٠٢) .
(٤) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٥) سورة الذاريات الآية ٢٠
(٦) سورة الذاريات الآية ٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>