فأقول: قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجوب اعتماد الرؤية في إثبات الأهلة أو إكمال العدد، وهي أحاديث مشهورة مستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكمه صلى الله عليه وسلم لا يختص بزمانه فقط، بل يعم زمانه وما يأتي بعده إلى يوم القيامة؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، والله سبحانه الذي أرسله إلى الناس وأمره أن يبلغهم ما شرعه لهم في إثبات هلال رمضان وغيره، هو العالم بغيب السماوات والأرض، والعالم بما سيحدث بعد زمانه صلى الله عليه وسلم من المراصد وغيرها، ويعلم سبحانه ما يقع من الكسوفات، ولم يثبت عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه قيد العمل بالرؤية بموافقة مرصد أو عدم وجود كسوف، وهو سبحانه وتعالى لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، لا فيما سبق من الزمان ولا فيما يأتي إلى يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وخنس إبهامه في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا، (١) » وأشار بأصابعه العشر يرشد بذلك أمته عليه الصلاة والسلام إلى أن الشهر تارة يكون تسعا وعشرين، وتارة يكون ثلاثين. وصح عنه صلى الله
(١) رواه البخاري في (الصوم) باب قول النبي: لا نكتب ولا نحسب، برقم (١٩١٣) ، وفي باب قول النبي: إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (١٩٠٨) .