عليه وسلم أنه قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة (١) » ، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب ولم يأذن في إثبات الشهور بذلك.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة صنفها في هذه المسألة كما في المجلد ٢٥ من الفتاوى ص ١٣٢: إجماع العلماء أنه لا يجوز العمل بالحساب في إثبات الأهلة، وهو رحمه الله من أعلم الناس بمسائل الإجماع والخلاف.
والأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها تدل على ما دل عليه الإجماع المذكور، ولست أقصد من هذا منع الاستعانة بالمراصد والنظارات على رؤية الهلال، ولكني أقصد منع الاعتماد عليها أو جعلها معيارا للرؤية، لا تثبت إلا إذا شهدت لها المراصد بالصحة، أو بأن الهلال قد ولد، فهذا كله باطل، ولا يخفى على كل من له معرفة بأحوال الحاسبين من أهل الفلك ما يقع بينهم من الاختلاف في كثير من الأحيان في إثبات ولادة الهلال أو عدمها، وفي إمكان رؤيته أو عدمه، ولو فرضنا إجماعهم في وقت من الأوقات على ولادته أو عدم ولادته لم يكن إجماعهم حجة؛ لأنهم ليسوا معصومين، بل
(١) رواه النسائي في (الصيام) باب ذكر الاختلاف على منصور برقم (٢١٢٦) ، وأبو داود في (الصوم) باب إذا أغمي الشهر برقم (٢٣٢٦) .