وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا (١) » .
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تبين للأمة أنه لا اعتبار في الشرع المطهر للحساب، ولا لضعف منازل القمر، ولا لكبر الأهلة وضعفها، ولا لرؤية الهلال قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع والعشرين، سواء كان منخفضا أو مرتفعا، وإنما الاعتبار شرعا بالرؤية الشرعية بعد المغرب أو إكمال العدة، ولو كان ضعف المنازل، أو صغر الأهلة، أو رؤية الهلال في المشرق قبل طلوع الشمس من اليوم التاسع والعشرين، مما يؤثر في الرؤية، لنبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم وبينه للناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام هو أنصح الناس وأقدرهم على البيان، وقد أوجب الله عليه أن يبلغ الناس ما أنزل إليهم من ربهم، وقد فعل ذلك عليه الصلاة والسلام على خير وجه وأكمله.
ومعلوم عند العقلاء أن الأهلة تختلف اختلافا كثيرا بحسب قربها من الشمس وبعدها، وحسب صفاء الجو وكدره، وحسب اختلاف أبصار الناس في القوة والضعف، ولذلك أناط المصطفى صلى الله عليه وسلم الحكم في هذا الأمر العظيم بالرؤية أو إكمال العدة ولم يجعل مناطا آخر، فعلم بذلك أن من علق الحكم في الرؤية بأمر ثالث، فقد شرع في الدين ما لم
(١) رواه النسائي في (الصيام باب قبول شهادة الرجل الواحد برقم (٢١١٦) .