للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون كما كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج، وابن مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة وكان يشرب الخمر حتى أنه صلى بهم مرة الصبح أربعا ثم قال أزيدكم؟ فقال ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة ولهذا رفعوه إلى عثمان.

وفي صحيح البخاري أن عثمان - رضي الله عنه - لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان، فقال إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة. فقال: يا ابن أخي إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم ومثل هذا كثير.

والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أن من أظهر بدعة أو فجورا لا يرتب إماما للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسنا، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان فيه مصلحة ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة، وأما إذا كان ترك الصلاة يفوت المأموم الجمعة والجماعة، فهنا لا يترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة - رضي الله عنهم -، وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور ولم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة فهنا ليس عليه ترك الصلاة خلفه بل الصلاة خلف الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>