للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو فعل الإمام ما يسوغ عنده وهو عند المأموم يبطل الصلاة مثل أن يفتصد ويصلي ولا يتوضأ أو يمس ذكره أو يترك البسملة وهو يعتقد أن صلاته تصح مع ذلك والمأموم يعتقد أنها لا تصح مع ذلك فجمهور العلماء على صحة صلاة المأموم، كما هو مذهب مالك وأحمد في أظهر الروايتين بل في أنصهما عنه. وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي، اختاره القفال وغيره.

ولو قدر أن الإمام صلى بلا وضوء متعمدا، والمأموم لم يعلم حتى مات المأموم، لم يطالب الله المأموم بذلك، ولم يكن عليه إثم باتفاق المسلمين بخلاف ما إذا علم أنه يصلي بلا وضوء فليس له أن يصلي خلفه فإن هذا ليس بمصل بل لاعب، ولو علم بعد الصلاة أنه صلى بلا وضوء ففي الإعادة نزاع، ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه، كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف وهو مذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، ولهذا قالوا في العقائد إنه يصلي الجمعة والعيد خلف كل إمام برا كان أو فاجرا، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه الجماعات، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده، وإن كان الإمام فاسقا هذا مذهب جماهير العلماء: أحمد بن حنبل والشافعي وغيرهما، بل الجماعة واجبة على الأعيان في ظاهر مذهب أحمد، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة كما ذكره في رسالة عبدوس وابن مالك والعطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>