للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورثة أو من ثلث الميت أو من شخص آخر فهذا لا يجوز؛ لأنه خلاف السنة ومن عمل الجاهلية كما تقدم، ولأن في ذلك زيادة تعب لهم على مصيبتهم وشغلا إلى شغلهم. وقد روى أحمد وابن ماجه بإسناد جيد عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - أنه قال «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة (١) » . ولم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه - رضي الله عنهم - ولا عن السلف الصالح إقامة حفل للميت مطلقا لا عند وفاته ولا بعد أسبوع ولا بعد أربعين يوما ولا بعد سنة من وفاته، بل ذلك بدعة يجب تركها وإنكارها والتوبة إلى الله منها لما فيها من الابتداع في الدين ومشابهة أهل الجاهلية.

وقد قال الإمام العلامة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي - رحمه الله - في كتابه المغني ما نصه: (مسألة: قال ولا بأس أن يصلح لأهل الميت طعاما يبعث به إليهم ولا يصلحون هم طعاما يطعمون الناس. وجملة ذلك أنه يستحب إصلاح طعام لأهل الميت يبعث به إليهم إعانة لهم وجبرا لقلوبهم فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم.

وقد روى أبو داود في سننه بإسناده عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم (٢) » . وروي عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: (فما زالت السنة فينا حتى تركها من تركها فأما صنع أهل الميت طعاما للناس فمكروه؛ لأن فيه زيادة على مصيبتهم وشغلا لهم إلى شغلهم وتشبها بصنع أهل الجاهلية. ويروى أن جريرا وفد على عمر فقال:


(١) سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦١٢) .
(٢) سنن الترمذي الجنائز (٩٩٨) ، سنن أبي داود الجنائز (٣١٣٢) ، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦١٠) ، مسند أحمد (١/٢٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>