للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: وهل يجتمعون عند أهل الميت ويجعلون الطعام؟ قال: نعم قال ذاك النوح) انتهى المقصود.

وأما قول الكاتب هداه الله وهل كل ما لم يفعله الرسول وأصحابه حرام أم العكس هو الصحيح، أي: أن الأصل في كل الأعمال هو الحل إلا ما ورد نص بالتحريم. فهذا الكلام فيه إجمال وإفراط وليس على إطلاقه، والصواب أن يقال: إن ما تركه الرسول - صلى الله عليه وسلم فيما - يتعلق بالعبادات لا يجوز لأحد إحداثه ولا تشريعه للناس؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، فمن أحدث شيئا من العبادات فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله، ويعتبر بذلك مبتدعا مخالفا للشرع المطهر يجب رد بدعته عليه للأدلة السابقة، ومن ذلك الاحتفال بالموالد كما تقدم، وهكذا ما كان من أمر الجاهلية لا يجوز لأحد إحداثه ولا إقراره كإقامة المآتم بعد الموت؛ لأن أمر الجاهلية كله مرفوض ومنهي عنه إلا ما أقره الشرع المطهر، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: «إن أمر الجاهلية كله موضوع (١) » .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر لما عير رجلا بأمه: «إنك امرؤ فيك جاهلية (٢) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (٣) الآية.

أما الأمور الأخرى التي لا تعلق لها بالعبادات ولا بأمر الجاهلية


(١) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٢١) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٥٠) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٣٠) ، صحيح مسلم الأيمان (١٦٦١) ، سنن أبو داود الأدب (٥١٥٧) .
(٣) سورة الأحزاب الآية ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>