للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمتع إذا كان قدم مكة بنية الحج؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما قدموا مكة لحجة الوداع وأمر من لم يكن معه هدي أن يتحلل ويهدي لم ينههم عن الخروج من الحرم ولم يقل لهم: من خرج من الحرم سقط عنه الهدي، ولو كان ذلك مسقطا للهدي لبينه - عليه الصلاة والسلام -؛ لأن الخروج لا بد أن يقع من الناس؛ لكثرتهم وتنوع الحاجات، فلما لم ينبههم على هذا الأمر علم أن خروجهم إلى جدة وأشباهها لا يخرجهم عن كونهم متمتعين بالعمرة إلى الحج، وذهب بعض العلماء إلى أن خروج المتمتع من مكة إلى مسافة قصر كجدة والطائف وأمثالهما يخرجه عن كونه متمتعا ويسقط عنه الدم ويجعل إحرامه بالحج في حكم المفرد وفي هذا نظر، والصواب أن الدم لا يسقط عنه لما تقدم، ولعموم قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) ولا أعلم دليلا شرعيا يدل على هذا المذهب لكن ورد عن عمر وابنه رضي الله عنهما في حق من رجع إلى وطنه بعد التحلل من العمرة ثم رجع إلى مكة وأحرم بالحج مفردا أنه لا دم عليه. ذكر ذلك أبو محمد بن حزم وغيره، وهذا وجهه ظاهر، والقول به قريب لا سيما وهو قول الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه. وورد


(١) سورة البقرة الآية ١٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>