عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل على وجوب الدم على من اعتمر في أشهر الحج وحج من عامه مطلقا ولو سافر إلى وطنه أو غيره لكن قول الجمهور يوافق ما ورد عن عمر وابنه رضي الله عنهما وتقدم أنه قول قريب ووجهه ظاهر ولا مانع من أن يكون مخصصا لعموم الآية الكريمة السابقة، ولكن لا ينبغي أن يجعل في حكمه من قدم إلى مكة قاصدا للحج وهو متمتع بالعمرة إلى الحج ثم خرج لعارض لجدة أو غيرها ولم يرجع إلى وطنه فإن بينهما فرقا واضحا والله المستعان.
وأما اعتبار جدة من حاضر المسجد الحرام إذا قلنا لا يسقط الدم عمن ذهب إليها فليس بظاهر، وليس بين القول بعدم سقوط الدم وبين تحديد المكان الذي يعتبر سكانه من حاضري المسجد الحرام أو ليسوا منهم ارتباط في أصح الأقوال، بل هذه مسألة وهذه مسألة أخرى.
أما ما يجب على من خرج إلى جدة ثم عاد وحج ولم يفد فالظاهر أنه لا يجب عليه إلا دم واحد وهو دم التمتع، وعليه التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير، وأما قول من قال: إن على من أخر دم التمتع حتى خرجت أيام التشريق إما مطلقا أو بغير عذر دما آخر فلا أعلم له وجها شرعيا يحسن الاعتماد عليه، والأصل براءة الذمة فلا يجوز شغلها إلا بحجة واضحة.