للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى فطرني أي خلقني على غير مثال سبق، ومن كان بهذه المثابة فهو المستحق أن يعبد دون كل ما سواه، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (١) فبين عز وجل أنه أوحى إلى جميع الرسل قبل خاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا إله غيره، يستحق العبادة، وأنه أمرهم بعبادته وحده.

فدل ذلك على أن جميع الآلهة المعبودة من دونه من أنبياء وأولياء وأصنام وأشجار، وجن وملائكة وغير ذلك كلها معبودة بالباطل.

ومما يوضح هذا المعنى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (٢) وقوله عز وجل عن المشركين لما دعاهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يقولوا لا إله إلا الله، أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (٣) وقوله سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (٤) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (٥) فدل ذلك على أنهم عرفوا أن كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله تبطل ما هم عليه من الشرك وتدل على أن آلهتهم باطلة. فعلم بذلك أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، وتدل على أنه سبحانه المعبود بالحق، ولولا ذلك لم يستكبروا عن قولها، ولم يقولوا إنها تقتضي إبطال الآلهة جميعها. .

وهذا مما خفي على أكثر الخلق، حتى ظنوا أن من قال لا إله إلا الله فهو مسلم معصوم الدم والمال، ولو صرف الكثير من العبادة لغير الله، كالدعاء


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٥
(٢) سورة الحج الآية ٦٢
(٣) سورة ص الآية ٥
(٤) سورة الصافات الآية ٣٥
(٥) سورة الصافات الآية ٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>