فأتونا وهم يرون لا غالب لهم من الناس أحد فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً ما قوتل المسلمون مثله في موطن قط ورزق الله المؤمنين النصر وأنزل عليهم الصبر فقتلهم الله تعالى في كل قرية وفي كل شعب وواد وجبل وسهل وغنم الله المسلمين عسكرهم وما كان فيهم من أموالهم ومتاعهم ثم إني تبعتهم بالمسلمين حتى بلغت أقصى بلاد الشام وقد بعثت إلى أهل الشام عمالي وقد بعثت إلى أهل إيليا أدعوهم إلى الإسلام فإن قبلوا وإلا فليؤدوا الجزية إلينا عن يد وهم صاغرون فإن أبوا سرت إليهم حتى أنزل بهم ثم لا ازيلهم حتى يفتح الله تعالى على المسلمين إن شاء الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه عمر بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح سلام عليك فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو أما بعد: فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من اهلاك الله المشركون ونصره المؤمنين وما صنع بأوليائه وأهل طاعته والحمد لله على حسن صنيعه إلينا وسيتم الله تعالى ذلك بشكره، ثم اعلموا أنكم لم تظهروا على عدوكم بعدد ولا قوة ولا حول ولكن بعون الله ونصره ومنه وفضله فلله الطول والمنة والفضل العظيم فتبارك الله أحسن الخالقين والحمد لله رب العالمين والسلام عليك.
ثم إن أبا عبيدة انتظر أهل إيليا، فأبوا أن يأتوه وأن يصالحوه. فأقبل سائرا إليهم حتى نزل بهم وحاصرهم حصارا شديدا وضيق عليهم فخرجوا إليه ذات يوم فقاتلوا المسلمين ساعة، ثم إن المسلمين شدوا عليهم من كل جانب ومكان فقاتلوهم ساعة ثم انهزموا فدخلوا حصنهم.
وكان الذي ولي قتالهم يومئذ خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان كل رجل منهما بجانب.
فبلغ ذلك سعيد بن زيد وهو على أهل دمشق فكتب إلى أبي عبيدة ابن الجراح: بسم الله الرحمن، الرحيم إلى أبي عبيدة ابن الجراح من سعيد بن زيد