المسلمون في الإسراع والمبادرة إلى الخروج فمن شدة إزدحامهم بأبواب المسجد قتل منهم خلق كثير لا يحصيهم إلا الله ﷾.
وأخذ الإفرنج من عند الصخرة ألفين وأربعين قنديلاً من فضة زنة كل منهم ثلاثة آلاف وستمائة وتنوراً من فضة وزنه أربعون رطلاً بالشامي وثلاثة وعشرين قنديلا من الذهب.
وهزم الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش بظاهر عسقلان أقبح هزيمة.
وكان عند الإفرنج شاعر منتجع إليهم فقال - يخاطب ملك الإفرنج وأسمه صنجلي -:
نصرت بسيفك دين المسيح … فلله درك من صنجلي
وما سمع الناس فيما روي … بأقبح من كسرة الأفضل
فتوصل الأفضل إلى ذبح هذا الشاعر.
وذهب الناس هاربين على وجوههم من الشام إلى العراق ووصل المستنفرون إلى بغداد في رمضان مستغيثين إلى الخليفة والسلطان منهم القاضي بدمشق أبو سعد الهروي واجتمع أهل بغداد في الجوامع واستغاثوا وبكوا حتى إنهم أفطروا من عظم ما جر عليهم.
وندب الخليفة ببغداد - وهو المستظهر بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي - الفقهاء إلى الخروج في البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد فخرج الإمام أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي وغير واحد من أعيان الفقهاء وساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئاً فأنا لله وإنا إليه راجعون.
ووقع الخلف بين السلاطين السلجوقية فتمكن الإفرنج في البلاد وانزعج المسلمون في سائر ممالك الإسلام بسبب أخذ بيت المقدس غاية الانزعاج ثم استولى الإفرنج على أكثر بلاد السواحل في أيام المستعلي بأمر الله فملكوا يافا وقيسارية وغيرهما من القلاع والحصون وكانت محنة فاحشة فالحكم لله العلي