رأيت إبليس في منامي، وكأنه عريان، فقلت له: ما تستحي من الناس؟ فقال: يالله، هؤلاء عندك من الناس؟ لو كانوا من الناس ما تلاعبت بهم كما تتلاعب الصبيان بالكرة، ولكن الناس غير هؤلاء، فقلت له: ومن هم؟ فقال: قوم في مسجد الشونيزي قد أضنوا قلبي، وأنحلوا جسمي، كلما هممت بهم أشاروا إلى الله تعالى أكاد أحترق، قال جنيد: فانتبهت ولبست ثيابي، وجئت إلى مسجد الشونيزي، وعلي ليل، فلما دخلت المسجد إذا أنا بثلاثة أنفس جلوس ورؤوسهم في مرقعاتهم، فلما أحسوا بي قد دخلت المسجد أخرج أحدهم رأسه، وقال: يا أبا القاسم، أنت كلما قيل لك شيء تقبل؟!
قال أبو الحسن: ذكر لي أبو عبد الله بن جابان: أن الثلاثة الذين كانوا في مسجد الشونيزي: أحدهم أبو حمزة، وأبو الحسين النوري، وأبو بكر الزقاق.
حدثنا عبد العزيز بن أبي الحسن قال: سمعت علي بن عبد الله بن جهضم يقول: سمعت الحسن بن أحمد بن عبد العزيز يقول: سمعت الزقاق يقول لي: سبعون سنة أرب هذا الفقر، من لم يصحبه في فقره الورع أكل الحرام النض.
كتب إلي أبو حاتم أحمد بن الحسن الرازي، يذكر أنه سمع محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الحافظ يقول: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد الصوفي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عيسى، عن أبي الأديان قال: كنت مع أستاذي أبي بكر الزقاق، فمر حدث فنظرت إليه، فرآني استاذي وأنا أنظر إليه، فقال: يا بني، لتجدن غبه ولو بعد حين. فبقيت عشرين سنة وأنا أراعى ما أجد ذلك الغب، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه، فأصبحت وقد نسيت القرآن كله.