إلى طريقة الزهد، ويلبس المرقعة، ويظهر عزوف النفس عن طلب الدنيا، فافتتن الناس به لما رأوا من حسن طريقته، وكان يحضر مجلس وعظه خلق لا يحصون، وعمر مسجدا كان خرابا بالشونيزية فسكنه وسكن فيه معه جماعة من الفقراء، وكان يعلو سطح المسجد في جوف الليل ويذكر الناس، ثم إنه قبل ما كان يوصل به بعد امتناع شديد كان يظهره من قبل، وحصل له ببغداد مال كثير، ونزع المرقعة ولبس الثياب الناعمة الفاخرة، وجرت له أقاصيص، وصار له تبع وأصحاب، ثم أظهر أنه يريد الغزو فحشد الناس إليه وصار معه من أتباعه عسكر كبير ونزل بظاهر البلد من أعلاه، وكان يضرب له بالطبل في أوقات الصلوات، ورحل إلى الموصل ثم رجع جماعة من أتباعه، وبلغني أنه صار إلى نواحي أذربيجان واجتمع له أيضا جمع وضاهى أمير تلك الناحية.
وقد كان حدث ببغداد عن علي بن محمد بن عمر القصار الرازي، ومحمد بن عمر بن خزر الهمذاني، وإسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الكشاني، وأحمد بن محمد بن عمران ابن الجندي، وغيرهم، وكتبت عنه أحاديث يسيرة، وذلك في سنة عشر وأربعمائة، وحدثني عنه بعض أصحابنا بشيء يدل على ضعفه في الحديث. أنشدني أبو عبد الله الشيرازي لبعضهم:
إذا ما أطعت النفس في كل لذة … نسبت إلى غير الحجى والتكرم
إذا ما أجبت النفس في كل دعوة … دعتك إلى الأمر القبيح المحرم
حدثني المعمر بن أحمد الصوفي: أن أبا عبد الله الشيرازي مات بنواحي أذربيجان في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.