أجمع بحيث الرغبة والرهبة، فلما فرغ من الكتب عرضها على الفضل، فكأنما شق عن قلبه، فقال الفضل: يا غلام بدرة بدرة بدرة، فقال الفتى للغلام: أعز الله الأمير دنانير أو دراهم؟ قال: دنانير يا غلام، فلما وضعت البدرة بين يديه، قال الفضل: احملها بارك الله لك فيها، قال الفتى: والله أيها الأمير، ما أنا بحمال، وما للحمل خلقت، فإن رأى الأمير أن يأمر بعض غلمانه بحملها على أن الغلام لي، فأشار الفضل إلى بعض الغلمان، فأشار الفتى إليه مكانك، فقال: إن رأى الأمير أيده الله أن يجعل الخيار إلي في الغلمان كما فعل بين البدرتين فعل، فقال: اختر، فاختار أجملهم غلاما، فقال: احمل، فلما صارت البدرة على منكب الغلام بكى الفتى، فاستفظع الفضل ذلك، وقال: ويلك استقلالا؟ قال: لا والله أيدك الله، ولقد أكثرت، ولكن أسفا أن الأرض تواري مثلك، قال الفضل: هذا أجود من الأول، يا غلام زده كسوة وحملانا، قال العتابي: فلقد كنت أرى ركاب الفتى تحت ركاب الفضل.
أخبرني الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: فلم يزل الفضل ويحيى في حبس الرشيد حتى مات يحيى سنة تسعين، ومات الفضل سنة ثلاث وتسعين ومِائَة في المحرم.
قلت: وذكر الصولي أن الفضل مات في شهر رمضان من سنة اثنتين وتسعين ومِائَة قبل موت الرشيد بشهور.
٦٧٣٦ - الفضل بن حبيب المدائني السَّرَّاج.
سَكَن بَغداد، وحَدَّث بها، عن عبد الله بن العلاء بن زبر، وحيان أبي زهير والمغيرة بن مسلم السراج. رَوَى عنه: يحيى بن معين، ويزيد بن عمر بن جنزة المدائني.
حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد الحربي إملاء، قال: