سقطت على وجهي، وغشي علي، وغلب علي القمل شيئا ما رأيت مثله، ولا سمعت به، فبينا أنا كذلك إذ مر بي ركب فرأوني على تلك الحال فنزل أحدهم عن راحلته فحلق رأسي ولحيتي، وشق علي ثوبي وتركني في الرمضاء، وساروا فمر بي ركب آخر فحملوني إلى حيهم، وأنا مغلوب فطرحوني ناحية، فجاءتني امرأة وحلبت على رأسي وصبت اللبن في حلقي، ففتحت عيني قليلا وقلت لهم: أقرب المواضع منكم أين؟ قالوا: جبل الشراة فحملوني إلى الشراة قال أبو جعفر: وحين سقطت كنت قد قبضت على حصاة وجهدوا في البادية أن يفتحوا يدي فلم يطيقوا، وإذا هي حصاة كلما هممت برميها لم أجد إلى رميها سبيلا، فدخلت بيت المقدس فاجتمع حولي الصوفية والحصاة في يدي أقلبها، فأخذها مني بعض الفقراء وضرب بها الأرض، فتفتتت وخرجت منها دودة صغيرة، ثم ضرب يده إلى ورقة فأخذها ووضعها على رأس الدودة، فلم تزل تشتر حتى قوَّرت الورقة. وأنا أنظر إليها فقلت: نعم يا سيدي، لم تطلعني على سبب مجاري الأرزاق إلا بعد حلق رأسي ولحيتي.
٧٧٠١ - أبو جعفر بن الكرنبي الصوفي.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت أبا الحسن بن مقسم وذكر أبا جعفر بن الكرنبي، وهو من صوفية البغداديين فرفع منه جدا، وقال: فاق أقرانه في الاجتهاد وكثرة الأوراد، تأدب أكثر نساك بغداد بآدابه، وتوارثوا منه شريف الآداب وحميد الأخلاق.
قال لنا أبو نعيم: وحدثني ابن مقسم، عن جعفر الخلدي قال: ذهب