الحمرة حبة مثل حبة الخردل بيضاء، فارتبت بها، ثم صوبت بطرفي إلى الوجنة الأخرى فوجدت فيها حبة أخرى، ثم أعدت نظري إلى الوجنة التي عاينتها بدءا فرأيت الحبة قد صارت اثنتين، ثم لم أزل أرى الحب يزداد حتى رأيت في كل جانب من وجنتيه مقدار الدينار حبا أبيض صغارا، فانصرفت وهو على هذه الحال، وغلست غداة اليوم الثاني من أيام التشريق، فوجدته قد هجر وذهبت عنه معرفتي ومعرفة غيري، فرحت إليه بالعشي فوجدته قد صار مثل الزق المنفوخ، وتوفي في اليوم الثالث من أيام التشريق، فسجيته كما أمرني، وخرجت إلى الناس وقرأت عليهم الكتاب وكان فيه: من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين إلى الرسول والأولياء وجماعة المسلمين، سلام عليكم أما بعد، فقد قلد أمير المؤمنين الخلافة عليكم بعد وفاته يعني أخاه، فاسمعوا له وأطيعوا، وقد قلد الخلافة من بعد، عبد الله عيسى بن موسى إن كان. قال إسحاق بن عيسى: قال لي أبي: ما نزلت عن المنبر حتى وقع الاختلاف بين الناس فيما كتب به أمير المؤمنين في عيسى بن موسى إن كان، فقال قوم: أراد بقوله، لها موضعا، وقال آخرون: أراد بقوله إن كان هذا لا يكون، ثم أخذت البيعة على الناس وجهزته، وصليت عليه ودفنته في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومِائَة، فقال الرشيد: هكذا حدثني أبو العباس، ما غادر إسحاق من حديث أبيه حرفا واحدا، فاستكثروا من الاستماع منه، فنعم حامل العلم هو.
٥١٣٢ - عبد الله أمير المؤمنين المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا جعفر.
استخلف بعد أخيه السفاح، وكان المنصور حاجا في وقت وفاة السفاح،