فالإقليم الرابع الذي فيه العراق، وفي العراق بغداد، هو صفوة الأرض ووسطها لا يلحق من فيه عيب سرف ولا تقصير.
قالوا: ولذلك اعتدلت ألوان أهله، وامتدت أجسامهم، وسلموا من شقرة الروم والصقالبة، ومن سواد الحبش وسائر أجناس السودان، ومن غلظة الترك، ومن جفاء أهل الجبال وخراسان، ومن دمامة أهل الصين ومن جانسهم وشاكل خلقهم، فسلموا من ذلك كله. واجتمعت في أهل هذا القسم من الأرض محاسن جميع أهل الأقطار بلطف من العزيز القهار. وكما اعتدلوا في الخلقة كذلك لطفوا في الفطنة والتمسك بالعلم والأدب ومحاسن الأمور، وهم أهل العراق ومن جاورهم وشاكلهم.
ذكر تعريب اسم العراق ومعناه
وأن حده حد السواد ومنتهاه
أخبرنا علي بن أبي علي البصري، قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، قال: قال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري: قال ابن الأعرابي: إنما سمي العراق عراقا لأنه سفل عن نجد ودنا من البحر، أخذ من عراق القربة وهو الخرز الذي في أسفلها. وقال غيره: العراق معناه في كلامهم الطير. قالوا: وهو جمع عرقة والعرقة ضرب من الطير. ويقال أيضا: العراق جمع عرق. وقال قطرب: إنما سمي العراق عراقا لأنه دنا من البحر وفيه سباخ وشجر، يقال: استعرقت إبلكم إذا أتت ذلك الموضع.