قال: لما توفي الواقدي استقضى المأمون أبا عمر محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة، وهو رجل من أهل العلم حسن الطريقة، فلم يلبث إلا يسيرا حتى عزله، وقد روي عنه الحديث.
قلت: وكانت ولايته القضاء بعسكر المهدي من شرقي بغداد، وذلك في سنة ثمان ومائتين، ولما عزل لحق بمكة، فأقام بها إلى أيام المعتصم، ثم قدم بغداد وافدا عليه، فأخبرنا ابن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وشهدت محمد بن عبد الرحمن القاضي المخزومي جاء إلى سليمان بن حرب، وكان قد كتب إلى سليمان بن حرب أن يقف عن القضاء - يعني بمكة - يسلم عليه، ويودعه، ويخرج إلى بغداد.
فقال له سليمان: ما يخرجك؟ قال: أذهب فأعزي أمير المؤمنين - يعني المعتصم - عن الماضي، وأهنيه فيما يستقبل. فقال سليمان وضحك: إنما تخرج لعل ابن أبي دؤاد يعمل لك في قضاء مكة، وهو لا يفعل، فإنه قد خرج ابن الحر فسيقضيه ليتخذه صنيعة يذكر به، وأنت لا تكون صنيعة له، أنت أجل من ذلك. وخرج، فكان كما قال سليمان.