بذلك، ثم سئل ابن صبر أن يكتب خطه فامتنع، فقيل له: حكم هذه المسألة ظاهر، وليست من مشكلات المسائل، فأبى أن يكتب خطه بالفتوى، فأنهي الأمر إلى قاضي القضاة، فسأله عن سبب إمساكه، فقال: إني صرفت عناني إلى عمل الأصول، وهذه من مسائل الفروع، فقال قاضي القضاة: ليست من المسائل المشكلة، وحكمها ظاهر. فقال: أخشى إن أفتيت اليوم في هذه المسألة سئلت في غد عن غيرها مما فيه غموض وإشكال. فاسترجح قاضي القضاة عقله، وصوبه في فعله.
أنشدني عبد الصمد بن محمد الدقاق لبشر بن هارون في ابن صبر القاضي [من مجزوء الكامل]:
قل للدعي إلى صبر وهب ادعيت فمن صبر قرد بكلب يفتخر بين القرود إذا افتخر وكلاهما هذا على هذا له عار وعر فإذا تفاصح أو تبا لغ جاءنا بأبي العبر وإذا تطلس للقضا ء فمرحبا بأبي العرر وإذا دنا منه الخصوم عموا برائحة البخر فتصالحوا قبل الخصومـ ـة هاربين من الخطر فقضاؤه شر القضا ء إذا قضى عمي البصر ذكر هلال بن المحسن أن ابن صبر مات في يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة. قال: وكان مولده في سنة عشرين وثلاثمائة.