قال حمزة: وكان مع حفظه زاهدا متواضعا، حكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس أملاه يوم جمعة، فصحف اسما أورده في إسناد حديث - أما كان حبان فقال حيان، أو حيان فقال حبان - قال أبو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبته أن أوقفه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت إلى المستملي وذكرت له وهمه، وعرفته صواب القول فيه وانصرفت. ثم حرضت الجمعة الثانية مجلسه، فقال أبو بكر للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الاسم الفلاني لما املينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال.
أخبرني علي بن المحسن القاضي، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المعدل، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقرئ يقول: قال لي أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، وهو ابن أختي: رأيت النبي ﷺ في النوم فقلت: يا رسول الله، عمن آخذ علم القرآن؟ فقال: عن أبي بكر ابن الأنباري. قلت: فالفقه؟ قال: عن أبي إسحاق المروزي.
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي، قال: قال محمد بن جعفر التميمي النحوي: فأما أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري فما رأينا أحفظ منه ولا أغزر بحرا من علمه.
وحدثني عنه أبو الحسن العروضي، قال: اجتمعت أنا وهو عند الراضي على الطعام، وكان قد عرف الطباخ ما يأكل أبو بكر، فكان يسوي له قلية يابسة. قال: فأكلنا نحن من ألوان الطعام وأطايبه وهو يعالج تلك القلية.