وعمل رسالة المشكل ردا على ابن قتيبة، وأبي حاتم، ونقضا لقولهما.
وحدثت عنه أنه مضى يوما في النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف، قال: فوقعت في قلبي، ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي، فقال لي: أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته، فأمر بعض أسبابه فمضى فاشتراها وحملها إلى منزلي، فجئت فوجدتها، فعلمت الأمر كيف جرى، فقلت لها: كوني فوق إلى أن أستبرئك، وكنت أطلب مسألة قد اختلت علي فاشتغل قلبي، فقلت للخادم: خذها وامض بها إلى النخاس، فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي. فأخذها الغلام فقالت: دعني أكلمه بحرفين. فقالت: أنت رجل لك محل وعقل، وإذا أخرجتني ولم تبين لي ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي في ظنا قبيحا، فعرفنيه قبل أن تخرجني. فقلت لها: ما لك عندي عيب غير أنك شغلتني عن علمي. فقالت: هذا أسهل عندي. قال: فبلغ الراضي أمره فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل. ولما وقع في علة الموت أكل كل شيء كان يشتهي، وقال: هي علة الموت.
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي المؤدب مذاكرة من حفظه، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا بكر ابن الأنباري يقول: دخلت البيمارستان بباب المحول فسمعت صوت رجل في بعض البيوت يقرأ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ فقال: أنا لا أقف إلا على قوله: ﴿كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ﴾ فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به، لأنهم لم يكونوا يقرون بإعادة الخلق، وابتدئ بقوله: ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ فيكون