فتركني، ثم رد علي القول، فقلت: ما بي من عشاء. ثم فعل ذلك الثالثة، فقلت: ما بي من عشاء، فسكت عني ساعة ثم قال لي: تقدم إلي. فتحاملت وما بي من تحامل من شدة الضعف، فقعدت عن يساره، فأخذ كفي اليمني فأدخلها إلى كمه الأيسر فأخذت من كمه سفرجلة معضوضة فأكلتها، فوجدت فيها طعم كل طعام طيب، واستغنيت بها عن الماء. قال: فسأله رجل كان معنا حاضرا: أنت يا أبا جعفر؟ قال: نعم، وأزيدك أني ما أكلت منذ ذلك حلوا ولا غيره إلا أصبت فيه طعم تلك السفرجلة. ثم التفت محمد بن منصور إلى أصحابه فقال: أنشدكم الله إن حدثتم بهذا عني وأنا حي.
أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري، قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل المؤذن، قال: سمعت محمد بن منصور الطوسي، وحواليه قوم، فقالوا له: يا أبا جعفر، أيش اليوم عندك، قد شك الناس فيه، يوم عرفة هو أو غيره؟ فقال: اصبروا. فدخل البيت ثم خرج فقال: هو عندي يوم عرفة. فاستحيوا أن يقولوا له من أين ذاك؟ فعدوا الأيام والليالي فكان اليوم الذي قال محمد بن منصور يوم عرفة. قال أبو العباس: وكنت أصغر القوم، فجاء إليه أبو بكر بن سلام الوراق مع جماعة فسمعت ابن سلام يقول له: من أين علمت أنه يوم عرفة؟ قال: دخلت البيت فسألت ربي تعالى، فأراني الناس في الموقف.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن القاسم العبدي، قال: سمعت أبا العباس السراج، يقول: سمعت محمد بن منصور الطوسي يقول: نازلت قوما من أصحاب الفضيل بن عياض فيما يذكرونه من كرامة المؤمن على الله، فقلت: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، فمطرنا في تلك الساعة.
وأخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا زيد بن علي المقرئ، قال: حدثنا