وخاطبته في أن يبيع علينا حصة اليتيم، ويأخذ الثمن، فامتنع، وقال: ما باليتيم حاجة إلى البيع، ولا آمن أن أبيع ماله، وهو مستغن عنه، فيحدث على المال حادثة، فأكون قد ضيعته عليه، فقلت: إنا نعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها، فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر مثلها إذا قل.
قال: فأدرته بكل لون، وهو يمتنع، فأضجرني، فقلت له: أيها القاضي ألا تفعل؟ فإنه موسى بن بغا، فقال لي: أعزك الله، إنه الله ﵎. قال: فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك، وفارقته، فدخلت على موسى، فقال: ما عملت في الضيعة؟ فقصصت عليه الحديث، فلما سمع أنه الله بكى، وما زال يكررها، ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجة، فاقضها، قال: فأحضرته، وقلت له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة، وذاك أني شرحت له ما جرى بيننا، وهو يعرض عليك قضاء حوائجك، قال: فدعا له، وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، وما لي حاجة إلا إدرار رزقي، فإنه تأخر منذ شهور، وأضرني ذلك، قال: فأطلقت له جارية.
أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني، قال: حدثنا صالح بن أحمد الحافظ، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمروس إملاء، قال: سمعت أحمد بن بديل الكوفي قاضينا، قال: بعث إلي المعتز رسولا بعد رسول، فلبست كمتي، ولبست نعلي طاق، فأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ نعليك. فلم ألتفت إليه، ودخلت الباب الثاني، فقال الحاجب: نعليك، فلم ألتفت إليه،