قلت: كان أبو كريب من الشيوخ الكبار الصادقين الأبرار، وأبو عبيدة السري بن يحيى شيخ جليل أيضا ثقة من طبقة العطاردي. وقد شهد له أحدهما بالسماع، والآخر بالعدالة، وذلك يفيد حسن حالته، وجواز روايته، إذ لم يثبت لغيرهما قول يوجب إسقاط حديثه، وإطراح خبره. فأما قول الحضرمي في العطاردي: إنه كان يكذب، فهو قول مجمل يحتاج إلى كشف وبيان، فإن كان أراد به وضع الحديث، فذلك معدوم في حديث العطاردي، وإن عنى أنه روى عمن لم يدركه، فذلك أيضا باطل؛ لأن أبا كريب شهد له أنه سمع معه من يونس بن بكير، وثبت أيضا سماعه من أبي بكر بن عياش، فلا يستنكر له السماع من حفص بن غياث، وابن فضيل، ووكيع، وأبي معاوية؛ لأن أبا بكر بن عياش تقدمهم جميعا في الموت، وأما ابن إدريس، فتوفي قبل أبي بكر بسنة، فليس يمتنع سماعه منه؛ لأن والده كان من كبار أصحاب الحديث، فيجوز أن يكون بكر به. وقد روى العطاردي، عن أبيه، عن يونس بن بكير أوراقا من مغازي ابن إسحاق، ويشبه أن يكون فاته سماعها من يونس، فسمعها من أبيه عنه، وهذا يدل على تحريه للصدق، وتثبته في الرواية، والله أعلم.
قرأت على الحسن بن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي، قال: مات العطاردي بالكوفة سنة إحدى وسبعين ومائتين. قال الحسن: وقال أبو عمرو ابن السماك: مات العطاردي بالكوفة في شعبان سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان يقول: سمعت أحمد بن محمود بن صبيح يقول: سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فيها مات أحمد بن عبد الجبار العطاردي.