إلى لسانه كأنه يقول: الكذب، ثم قال لي: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك محمد بن عجلان ونظراءه، ويطرق لأهل البدع علينا، فيجدوا السبيل بأن يقولوا للحديث إذا احتج به عليهم: ليس هذا في كتاب الصحيح. ورأيته يذم من وضع هذا الكتاب ويؤنبه.
فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه روايته في كتاب الصحيح عن أسباط بن نصر، وقطن بن نسير، وأحمد بن عيسى، فقال لي مسلم: إنما قلت صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول، فأقتصر على أولئك، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات، وقدم مسلم بعد ذلك الري، فبلغني أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة، فجفاه وعاتبه على هذا الكتاب، وقال له نحوا مما قاله لي أبو زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا، فاعتذر إليه مسلم، وقال: إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت هو صحاح، ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف، ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعا عندي، وعند من يكتبه عني، فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل إن ما سواه ضعيف أو نحو ذلك مما اعتذر به مسلم إلى محمد بن مسلم، فقبل عذره وحدثه.
وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم أحمد بن عيسى، فقال: كتب عنه