الغدان قبلنا، ثم فشت رياسة بني عبيد الله، فعزم أبي على قتالهم، وجمع الجموع، فدخل إليه أبو العباس بن عقدة، وقد جمع جزءا فيه ست وثلاثون ورقة فيها حديث كثير لا أحفظ قدره، في صلة الرحم عن النبي ﷺ، وعن أهل البيت، وعن أصحاب الحديث، فاستعظم أبي ذلك، واستنكره، فقال له: يا أبا العباس، بلغني من حفظك للحديث ما استنكرته، واستكثرته، فكم تحفظ، فقال له: أنا أحفظ متسقا من الحديث بالأسانيد والمتون خمسين ومائتي ألف حديث. وأذاكر بالأسانيد، وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بستمائة ألف حديث.
حدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن مخلد الوراق بحضرة أبي بكر البرقاني، قال: سمعت عبد الله الفارسي، وعرفه البرقاني، يقول: أقمت مع إخوتي بالكوفة عدة سنين نكتب عن ابن عقدة، فلما أردنا الانصراف ودعناه، فقال ابن عقدة: قد اكتفيتم بما سمعتم مني، أقل شيخ سمعت منه عندي عنه مائة ألف حديث. قال: فقلت: أيها الشيخ، نحن إخوة أربعة قد كتب كل واحد منا عنك مائة ألف حديث.
حدثني الصوري، قال: قال لي عبد الغني بن سعيد: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: كان أبو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس، ولا يعلم الناس ما عنده.
قال الصوري: وقال لي أبو سعد الماليني: أراد أبو العباس بن عقدة أن ينتقل من الموضع الذي كان فيه إلى موضع آخر، فاستأجر من يحمل كتبه، وشارط الحمالين أن يدفع إلى كل واحد منهم دانقا لكل كرة، فوزن لهم