فرفق بسهل حتى لبس السواد، وأخذ الأرزاق، ولزم أحمد بيته، ثم إن أمره تحرك ببغداد في آخر أيام الواثق واجتمع إليه خلق من الناس يأمرون بالمعروف إلى أن ملكوا بغداد، وتعدى رجلان من أصحابه يقال لأحدهما طالب في الجانب الغربي، ويقال للآخر: أبو هارون في الجانب الشرقي، وكانا موسرين فبذلا مالا وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين، فنم عليهم قوم إلى إسحاق بن إبراهيم، فأخذ جماعة فيهم أحمد بن نصر، وأخذ صاحبيه طالبا، وأبا هارون فقيدهما، ووجد في منزل أحدهما أعلاما، وضرب خادما لأحمد بن نصر فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلا فيعرفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سر من رأى، فجلس لهم الواثق، وقال لأحمد بن نصر: دع ما أخذت له، ما تقول في القرآن، قال: كلام الله، قال: أفمخلوق هو، قال: هو كلام الله، قال: أفترى ربك في القيامة، قال: كذا جاءت الرواية، فقال: ويحك يرى كما يرى المحدود المتجسم ويحويه مكان ويحصره الناظر، أنا أكفر برب هذه صفته، ما تقولون فيه، فقال عبد الرحمن بن إسحاق، وكان قاضيا على الجانب الغربي ببغداد فعزل: هو حلال الدم، وقال جماعة من الفقهاء كما قال. فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كاره لقتله، فقال للواثق: يا أمير المؤمنين شيخ مختل لعل به عاهة، أو تغير عقل، يؤخر أمره ويستتاب، فقال الواثق: ما أراه إلا مؤديا لكفره، قائما بما يعتقده منه، ودعا الواثق بالصمصامة، وقال: إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد ربا لا نعبده، ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيد، وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه ومشى إليه حتى ضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد، فنصب في الجانب الشرقي أياما، وفي الجانب الغربي أياما، وتتبع رؤساء أصحابه، فوضعوا في