مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب وماتى أحمد أنحى العجم والعرب فإن تولى أبو العباس مفتقدا فلم يمت ذكره في الناس والكتب أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الكاتب، قال: حدثني جدي محمد بن عبيد الله بن قفرجل، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: كنا يوما عند أبي العباس أحمد بن يحيى فضجر، فقال له شيخ خضيب من الطاهرية: لو علمت ما لك من الأجر في إفادة الناس العلم لصبرت على أذاهم، فقال: لولا ذاك ما تعذبت، ثم أنشد بعقب هذا [من الطويل]:
يعابثن بالقضبان كل مفلج به الظلم لم تفلل لهن غروب رضابا كطعم الشهد يحلو متونه من الضرو أو غصن الأراك قضيب أولئك لولاهن ما سقت نضوة لحاج ولا استقبلت برد جنوب حدثني محمد بن علي الصوري حفظا، قال: سمعت أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن سختويه، والحسين بن سليمان بن بدر الصوريين يقولان: سمعنا أبا عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري يقول: سمعت أبا بكر بن مجاهد يقول: كنت عند أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، فقال لي: يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة، فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النبي ﷺ في المنام، فقال لي: أقرئ أبا العباس مني السلام وقل له: إنك صاحب العلم