الحسن الهمذاني يقول: سمعت محمد بن داود يقول: ما رأت عيناي بالعراق، ولا بالحجاز، ولا بالشام، ولا بالجبل مثل أبي عبد الله الجلاء، وكان في ممشاذ خمس خصال لم تكن واحدة منها في ابن الجلاء.
أخبرني أحمد بن علي بن الحسين، قال: أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري، قال: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: كان يقال: إن في الدنيا ثلاثة من أئمة الصوفية لا رابع لهم: أبو عثمان بنيسابور، والجنيد ببغداد، وأبو عبد الله ابن الجلاء بالشام.
حدثنا عبد العزيز بن علي، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم بمكة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الجلندي المقرئ، قال: سمعت أبا عبد الله ابن الجلاء يقول: كنت بمكة مجاورا مع ذي النون فجعنا أياما كثيرة لم يفتح لنا بشيء، فلما كان ذات يوم قام ذو النون قبل صلاة الظهر ليصعد إلى الجبل يتوضأ للصلاة، وأنا خلفه، فرأيت قشور الموز مطروحا في الوادي وهو طري، فقلت في نفسي: آخذ منه كفا، أو كفين أتركه في كمي، ولا يراني الشيخ حتى إذا صرنا في الجبل، ومضى الشيخ يتمسح أكلته، قال: فأخذته وتركته في كمي وعيني إلى الشيخ لئلا يراني، فلما صرنا في الجبل وانقطعنا عن الناس التفت إلي وقال: اطرح ما في كمك يا شره، فطرحته وأنا خجل، وتمسحنا للصلاة، ورجعنا إلى المسجد، وصلينا الظهر، والعصر، والمغرب وعشاء الآخرة، فلما كان بعد ساعة إذا إنسان قد جاء ومعه طعام عليه مكبة، فوقف ينظر إلى ذي النون، فقال له ذو النون: مر فدعه قدام ذاك، وأومأ إلي بيده، فتركه بين يدي، فانتظرت الشيخ ليأكل، فلم أره يقوم من مكانه، ثم نظر إلي وقال: كل، فقلت: آكل وحدي، فقال: نعم، أنت طلبت، نحن ما طلبنا شيئا، يأكل الطعام من طلبه، فأقبلت آكل وأنا خجل مما جرى، أو كما قال.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: سمعت محمد بن الحسن بن علي