بهاتين الصبيتين، فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه، أو نرهنه، فضننت بذاك، وقلت اقترضي لهما شيئا وأنظريني بقية اليوم والليلة، وكان لي بيت في دهليز داري فيه كتبي، فكنت أجلس فيه للنسخ والنظر، فلما كان في تلك الليلة إذا داق يدق الباب، فقلت: من هذا، فقال: رجل من الجيران، فقلت: ادخل، فقال: اطفئ السراج حتى أدخل فكببت على السراج شيئا، وقلت ادخل، فدخل وترك إلى جانبي شيئا، وانصرف، فكشفت عن السراج ونظرت، فإذا منديل له قيمة، وفيه أنواع من الطعام، وكاغد فيه خمسمائة درهم، فدعوت الزوجة وقلت أنبهي الصبيان حتى يأكلوا، ولما كان من الغد قضينا دينا كان علينا من تلك الدراهم، وكان وقت مجيء الحاج من خراسان، فجلست على بابي من غد تلك الليلة، وإذا جمال يقود جملين عليهما حملان ورقا، وهو يسأل عن منزل إبراهيم الحربي، فانتهى إلي، فقلت: أنا إبراهيم الحربي، فحط الحملين، وقال: هذان الحملان أنفذهما لك رجل من أهل خراسان، فقلت: من هو، فقال: قد استحلفني أن لا أقول من هو.
أخبرني أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله القاضي بالدينور، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني الحافظ، قال: سمعت أبا عثمان الرازي يقول: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمر أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فرده، فانصرف الرسول، ثم عاد فقال: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه في جيرانك، فقال: عافاك الله هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا، وإلا تحولنا من جوارك.
حدثني الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا أبو القاسم ابن الجبلي، قال: اعتل