المتقي لله، أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر المقتدر بالله، وأمه أم ولد تسمى خلوب، أدركت خلافته، ومولده في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين، واستخلف يوم الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، فكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا، وخلع يوم السبت لعشر بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة بموضع يقال له: السندية على نهر عيسى، وسملت عينا المتقي لله من آخر نهار يومه، فذهبتا، وكانت سنه يوم خلع خمسا وثلاثين سنة وأشهرا، وكان رجلا معتدل الخلق، حسن الجسم، قصير الأنف، أبيض مشربا حمرة، في شعره شقرة وجعودة، حسن اللحية كثها، ليس بالطويل، ولا بالقصير، أشهل العينين، لم يشب.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري، قال: حدثني أبي، قال: قال لي أبو الحسين بن عياش: اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات كثيرة، فانسحقت خلافة بني العباس في أيامه، وانهدمت قبة المنصور الخضراء التي بها كان فخرهم، فقلت له: ما كانت الإسحاقات، قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي يكنى بأبي إسحاق، وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي، وكان محتبسه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد ابن أمير خراسان، وكانت داره القديمة في دار إسحاق بن إبراهيم المصعبي، وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج، وقال لي: كان مع هذا يتأله، وفيه صلاح وكثرة صيام وصلاة، وكان لا يشرب النبيذ، وقيل: إنه لم يشربه قط، وكان فيه كف عن كثير مما كان من تقدمه يرتكبه، وكان فيه وفاء وقناعة.
بلغني أن المتقي لله عاش بعد أن خلع من الخلافة أربعا وعشرين سنة، وتوفي يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، ودفن في الجانب الغربي بدار إسحاق في تربته، وكان مبلغ عمره ستين سنة وأياما.