ضعف ذلك المال، وسألني يوما، فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير، فقال: فرجت والله عني، فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، قال: ثم أخذ الدواة، فوقع لي إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، وامتنعت أن أعرض عليه شيئا، ولم أدر كيف أقع منه، فلما كان من غد جئته، وجلست على رسمي، فأومأ إلي هات ما معك يستدعي مني الرقاع على الرسم، فقلت: ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر قد وقع الوفاء به، ولم أدر كيف أقع من الوزير، فقال: يا سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة، وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه، وغدو ورواح إلى بابك، ولا يعلم سبب انقطاعه، فيظن ذلك لضعف جاهك عندي، أو تغير رتبتك، اعرض علي على رسمك وخذ بلا حساب، فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، فكنت أعرض عليه كل يوم شيئا إلى أن مات، وقد تأثلت حالي هذه.
أخبرنا أبو الجوائز الحسن بن علي بن باري الكاتب الواسطي، قال: حدثني أبو القاسم علي بن طلحة بن كردان النحوي، قال: سمعت أبا علي الفارسي يقول: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على القاسم بن عبيد الله الوزير فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر له، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود، ثم نهض، فلم يكن بأسرع من أن عاد وفي وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس كان بينه وبينه، فقال له: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها أن تبيعني إياها، وامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد من ينصحها بأن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك، فنهضت مستبشرا لافتضاضها، فوجدتها قد حاضت، فكان مني ما ترى فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه، وكتب [من المديد]: