حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق، قال: حدثني علي بن الحسن بن عبيد الشيباني، قال: حدثني هارون بن سعدان قال: كنت جالسا مع أبي نواس في بعض طرق بغداد، وجعل الناس يمرون به وهو ممدود الرجل بين بني هاشم وفتيانهم والقواد وأبنائهم ووجوه أهل بغداد، فكل يسلم عليه فلا يقوم إلى أحد منهم، ولا يقبض رجله إليه إذ أقبل شيخ راكبا على حمار مريسي وعليه ثوبان ديبقيان، قميص ورداء قد تقنع به ورده على أذنيه فوثب إليه أبو نواس، وأمسك الشيخ عليه حماره واعتنقا، وجعل أبو نواس يحادثه وهو قائم على رجليه، فمكثا بذلك مليا حتى رأيت أبا نواس يرفع إحدى رجليه ويضعها على الأخرى مستريحا من الإعياء، ثم انصرف الشيخ وأقبل أبو نواس فجلس في مكانه، فقال له بعض من بالحضرة: من هذا الشيخ الذي رأيتك تعظمه هذا الإعظام وتجله هذا الإجلال؟ فقال: هذا إسماعيل بن القاسم أبو العتاهية فقال له السائل: لم أجللته هذا الإجلال؟ وساعة منك عند الناس أكثر منه! قال: ويحك لا تفعل فوالله ما رأيته قط إلا توهمت أنه سماوي وأنا أرضي.
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي، قال: أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي، قال: حدثنا ابن أبي سعد، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن معاوية المهلبي، قال: حدثني أبو تمام قال: يكتب من شعر أبي العتاهية خمسة أبيات، فإن أحدا لم يشركه فيها ولا تهيأ لأحد مثلها قوله (من مجزوء الكامل):
الناس في غفلاتهم ورحى المنية تطحن والذي قال في أحمد بن يوسف من الطويل:
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى وأن الغنى يخشى عليه من الفقر