وكان يوم مجلس أبي الحسين بن سمعون، فقلت في نفسي: أحضر المجلس ثم أنصرف فأبيع الخفين والقوس، قال: وكان القواس قل ما يتخلف عن حضور مجلس ابن سمعون، قال أبو الفتح: فحضرت المجلس، فلما أردت الانصراف ناداني أبو الحسين: يا أبا الفتح، لا تبع الخفين ولا تبع القوس، فإن الله سيأتيك برزق من عنده، أو كما قال.
حدثني رئيس الرؤساء شرف الوزراء أبو القاسم علي بن الحسن، قال: حدثني أبو طاهر محمد بن علي ابن العلاف، قال: حضرت أبا الحسين بن سمعون يوما في مجلس الوعظ، وهو جالس على كرسيه يتكلم، وكان أبو الفتح القواس جالسا إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس ونام، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه. فقال له أبو الحسين: رأيت رسول الله ﷺ في نومك؟ قال: نعم. فقال أبو الحسين: لذلك أمسكت عن الكلام خوفا أن تنزعج وتنقطع عما كنت فيه، أو كما قال.
وحدثني رئيس الرؤساء أيضا قال: حكى لي أبو علي بن أبي موسى الهاشمي، قال: حكى لي دجى مولى الطائع لله، قال: أمرني الطائع لله بأن أوجه إلى ابن سمعون فأحضره دار الخلافة، ورأيت الطائع على صفة من الغضب، وكان يتقى في تلك الحال، لأنه كان ذا حدة، فبعثت إلى ابن سمعون وأنا مشغول القلب لأجله، فلما حضر أعلمت الطائع حضوره فجلس مجلسه فأذن به الدخول، فدخل وسلم عليه بالخلافة، ثم أخذ في وعظه، فأول ما ابتدأ به أن قال: روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁، وذكر خبرا وأحاديث بعده، ثم قال: روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وذكر عنه خبرا، ولم يزل يجري في ميدان الوعظ حتى بكى الطائع وسمع شهيقه وابتل منديل بين يديه بدموعه، فأمسك ابن سمعون حينئذ، ودفع إلي الطائع درجا فيه طيب وغيره، فدفعته إليه وانصرف، وعدت إلى حضرة الطائع فقلت: يا مولاي، رأيتك على صفة من شدة الغضب على ابن سمعون، ثم انتقلت عن تلك الصفة عند حضوره، فما السبب؟ فقال: رفع