نفسه بذلك. وأحضروا محمد بن المعتضد بالله فنصبوه للأمر وسموه القاهر بالله، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وذلك يوم السبت للنصف من المحرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة. فأقام الأمر على ذلك يوم السبت ويوم الأحد، فلما كان يوم الاثنين اختلف الجند وتغير رأيهم، ووثبت طائفة منهم على نازوك وعبد الله بن حمدان المكنى بأبي الهيجاء فقتلوهما، وأقيم القاهر من مجلس الخلافة وأعيد المقتدر بالله إلى داره، وجددت له بيعة. وكان قد تبرأ من الأمر يومين وبعض الثالث، ولم يكن وقع للقاهر بيعة في رقاب الناس، وقتل المقتدر بباب الشماسية وسنه ثمان وثلاثون سنة وشهر وأيام. قال أبو محمد: وكان رجلا ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، جميل الوجه، أبيض مشربا حمرة، حسن الخلق، حسن العينين، بعيد ما بين المنكبين، جعد الشعر، مدور الوجه، قد كثر الشيب في رأسه وأخذ في عارضيه أخذا كثيرا، كذا رأيته في اليوم الذي قتل فيه، وأمه أم ولد يقال لها: شغب، أدركت خلافته.
أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال: أخبرني أبي قال: حدثنا أبو منصور القشوري - شيخ من الجند المولدين - قال: كنت أخدم وأنا حدث في دار لنصر القشوري المرسومة بالحجبة من دار المقتدر بالله، فركب المقتدر يوما على غفلة وعبر إلى بستان الخلافة المعروف بالزبيدية في نفر من الخدم والغلمان، وأنا مشاهد لذلك، وتشاغل أصحاب الموائد والطباخون بحمل الآلات والطعام وتعبيتها في الجون، فأبطأت وعجل هو في طلب الطعام، فقيل له: لم تحمل بعد. فقال: انظروا ما كان. قال: فخرج الخدم كالمتحيرين ليس يجسرون أن يعودوا فيقولون ما جاء شيء، وهم يبادرون فيما يعملون، فسمعهم جعفر - ملاح طيار المقتدر، والرئيس على الملاحين برسم الخدمة