يحيى المزكي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: حدثنا الحسين بن سعيد المخرمي قال: حدثنا إسماعيل ابن علية، عن عيينة بن عبد الرحمن قال: حدثني أبي قال: لما اشتكى أبو بكرة عرض عليه بنوه أن يأتوه بطبيب فأبى، فلما نزل به الموت فعرف الموت من نفسه وعرفوه منه قال: أين طبيبكم ليردها إن كان صادقا؟ فقالوا: وما يغني الآن؟ قال: وقبل الآن! فجاءته ابنته أمة الله فلما رأت ما به بكت، فقال: أي بنية لا تبكي. قالت: يا أبة، فإذا لم أبك عليك فعلى من أبكي؟! فقال: لا تبكي، فوالذي نفسي بيده ما على الأرض نفس أحب إلي من أن تكون قد خرجت من نفسي هذه، ولا نفس هذا الذباب الطائر. فأقبل على حمران - يعني ابن أبان، وهو عند رأسه - فقال: ألا أخبرك مم ذاك؟ قال: خشيت والله أن يوشك أن يجيء أمر يحول بيني وبين الإسلام. ثم جاء أنس بن مالك فقعد بين يديه، وأخذ بيده وقال: إن ابن أمك زيادا أرسلني إليك يقرئك السلام، وقد بلغه الذي نزل بك من قضاء الله فأحب أن يحدث بك عهدا وأن يسلم عليك ويفارقك عن رضاه. فقال: أمبلغه أنت عني؟ قال: نعم. قال: فإني أحرج عليه أن يدخل لي بيتا ويحضر لي جنازة! قال: لم - يرحمك الله - وقد كان لك معظما ولبنيك واصلا؟! قال: في ذاك غضبت عليه! قال: ففي خاصة نفسك فما علمته إلا مجتهدا؟ قال: فأجلسوني. فأجلس، قال: نشدتك بالله لما حدثتني عن أهل النهر، أكانوا مجتهدين؟ قال: نعم. قال: فأصابوا أم أخطأوا؟ قال: بل أخطأوا. قال: هو ذاك. ثم قال: أضجعوني. فرجع أنس إلى