من أمره في أيام وزارة حامد بن العباس أن رجلا شيخا حسن السمت يعرف بالدباس تنصح فيه، وذكر انتشار أصحابه وتفرق دعاته في النواحي، وأنه كان ممن استجاب له ثم تبين مخرقته ففارقه وخرج عن جملته، وتقرب إلى الله بكشف أمره، واجتمع معه على هذه الحال أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي الكاتب الأنباري، وكان قد عمل كتابا ذكر فيه مخاريق الحلاج والحيلة فيها، والحلاج حينئذ مقيم عند نصر القشوري في بعض حجره موسع عليه مأذون لمن يدخل إليه، وللحلاج اسمان؛ أحدهما: الحسين بن منصور، والآخر: محمد بن أحمد الفارسي. وكان قد استغوى نصرا وجاز تمويهه عليه، حتى كان يسميه العبد الصالح، ويحدث الناس أن علة عرضت للمقتدر بالله في جوفه، وقف نصر على خبرها، فوصفه له واستأذنه في إدخاله إليه فأذن له، ووضع يده على الموضع الذي كانت العلة فيه وقرأ عليه، فاتفق أن زالت العلة، ولحق والدة المقتدر بالله مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك فزال ما وجدته، فقام للحلاج بذلك سوق في الدار، وعند والدة المقتدر والخدم والحاشية وأسباب نصر خاصة، ولما انتشر كلام الدباس وأبي علي الأوارجي في الحلاج بعث به المقتدر بالله إلى أبي الحسن علي بن عيسى ليناظره، فأحضره مجلسه وخاطبه خطابا فيه غلظة، فحكي في ذلك الوقت أنه تقدم إليه وقال له فيما بينه وبينه: قف حيث انتهيت ولا تزد عليه شيئا، وإلا قلبت الأرض عليك، وكلاما في هذا المعنى، فتهيب علي بن عيسى مناظرته واستعفى منه، ونقل حينئذ إلى حامد، وكانت بنت السمري صاحب الحلاج قد أدخلت إليه، وأقامت عنده في دار السلطان مدة، وبعث بها إلى حامد ليسألها عما وقفت عليه وشاهدته من أحواله، فدخلت إلى حامد في يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته، وكانت حسنة العبارة عذبة الألفاظ مقبولة الصورة، فسألها عن أمره فذكرت أن أباها السمري حملها إليه، وأنها لما دخلت عليه وهب لها أشياء كثيرة عددت أصنافها منها ريطة خضراء، وقال لها: قد