قال: كان حيان بن بشر قد ولي قضاء بغداد، وقضاء أصبهان أيضا، وكان من جلة أصحاب الحديث، فروى يوما أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب، وكان مستمليه رجلا يقال له كجة، فقال: أيها القاضي إنما هو يوم الكلاب، فأمر بحبسه، فدخل الناس إليه وقالوا: ما دهاك؟ فقال: قطع أنف عرفجة في الجاهلية، وامتحنت أنا به في الإسلام.
أنبأنا أحمد بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا محمد بن حميد المخرمي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن حبان، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده: سألت أبا زكريا عن حيان بن بشر فقال: ليس به بأس، كان معنا في البيت بالري أربعة أشهر ما رأيت منه إلا خيرا. قلت: إنهم يقولون: إنه يقول بقول جهم؟ فقال: معاذ الله، هذا باطل وكذب، لو كان من هذا شيء لم يخف علينا، إلا أنه من أصحاب الرأي رأي أبي حنيفة، لا بأس به، وادع ساكن.
أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: أخبرني محمد بن جرير الطبري إجازة أن المتوكل أشخص يحيى بن أكثم من بغداد إلى سر من رأى بعد القبض على ابن أبي دؤاد، فولاه قضاء القضاة في سنة سبع وثلاثين ومائتين، وعزل عبد السلام، يعني الوابصي، وولى مكانه سوار بن عبد الله بن سوار العنبري، ويكنى أبا عبد الله على الجانب الشرقي، وقلد حيان بن بشر أبا بشر الأسدي الشرقية، وخلع عليهما في يوم واحد، وكانا أعورين، فأنشدني عبيد الله بن محمد الكاتب لدعبل [من الوافر]:
رأيت من الكبائر قاضيين هما أحدوثة في الخافقين قد اقتسما العمى نصفين قدا كما اقتسما قضاء الجانبين وتحسب منهما من هز رأسا لينظر في مواريث ودين كأنك قد جعلت عليه دنا فتحت بزاله من فرد عين