في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة الآلاف دينار التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه، وصليت معه الغداة، فلما انفتل من صلاته ورآني نهض معي إلى داره، وقدم المائدة والهريسة، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب، فلما قضينا الأكل قال لي: خبرك وحالك؟ فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت - بما فعلته معي - ثلاثين ألف دينار، وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان الله، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت آخذ عوضها، حل بها الصبيان. فقلت له: أيها الشيخ، أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال: نشأت وحفظت القرآن، وسمعت الحديث، وكنت أتبزز، فوافاني رجل من تجار البحر، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم، فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك لتتجر به، فما سهل الله من فائدة كانت بيننا، وما كان من جائحة، كانت في أصل مالي. وسلم إلى بارنامجات بألف ألف درهم، وقال: أبسط يدك، ولا تعلم موضعا ينفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه، واستنبت فيه الكفاة، ولم يزل يتردد إلي سنة بعد سنة يحمل إلي مثل هذا والبضاعة تنمى، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا فيها. قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر؛ فإن قضى الله علي بما قضاه على خلقه فهذا المال لك، على أن تصدق منه وتبني المساجد وتفعل الخير. فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثمر الله المال في يدي، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.
حدثنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان والحسن بن أبي بكر بن شاذان؛ قالا: توفي دعلج بن أحمد يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت،