دخل عليه أكرمه وعظمه وقال له: لئن باعدت بيننا الأنساب لقد قربت بيننا الآداب، وإن أمير المؤمنين ذكرك فاختارك لتأديب ولده، وأمر لك بعشرة آلاف درهم وعشرة تخوت من الثياب، وعشرة أبغل تحمل عليها رحلك إلى حضرته بسر من رأى، فشكر ذلك وقبله، فلما أراد توداعه، قال له: أيها الشيخ تزودنا حديثا نذكرك به؟ فقال: أحدثك بما سمعت أو بما شاهدت؟ قال: بل بما شاهدت. فقال: بينا أنا في مسيري هذا بين المسجدين، إذ بصرت بحبالة منصوبة فيها ظبي ميت وبإزائها رجل على نعش ميت، ورأيت امرأة حرى تسعى، وهي تقول [من البسيط]:
يا خشف لو بطل لكنه أجل على الأثاية ما أودى بك البطل يا خشف قلقل أحشائي وأزعجها وذاك يا خشف عندي كله جلل أمست فتاة بني نهد علانية وبعلها في أكف القوم يبتذل قد كنت راغبة فيه أضن به فحال من دون ضن الرغبة الأجل قال: فلما خرج من حضرته، قال لنا محمد بن عبد الله بن طاهر: أي شيء أفدنا من الشيخ؟ قلنا له: الأمير أعلم، فقال: قوله: أمست فتاة بني نهد علانية أي ظاهرة، وهذا حرف لم أسمعه في كلام العرب قبل هذا.
أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن سيف، قال: حدثنا محمد بن العباس اليزيدي، قال: حدثنا الزبير بن بكار. وأخبرنا الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد، قال: أخبرنا حرمي بن أبي العلاء، قال: قال الزبير بن بكار: ركب عمي مصعب إلى إسحاق بن إبراهيم، ثم رجع من عنده، فقال: لقيني علي بن صالح، فأنشدني بيت شعر وسألني من قائله، وهل فيه زيادة؟ فقلت له: