هناه إنك قد جاورتنا فلم تر من جوارنا إلا الحسن، وإنا نرى غلماننا يختلفون إليك، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، اخرج عنا، قال: نعم، فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه: اخرج معي، قال: لا أستطيع ذاك، قد علمت شدة أبوي علي، قلت: لكني أنا أخرج معك، وكنت يتيما لا أب لي، فخرجت معه فأخذنا جبل رامهرمز، فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر، حتى قدمنا الجزيرة، فقدمنا نصيبين، فقال لي صاحبي: يا سلمان إن هاهنا قوما هم عباد أهل الأرض، وأنا أحب أن ألقاهم، قال: فجئنا إليهم يوم الأحد، وقد ا تمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به، وقالوا: أين كانت غيبتك؟ قال: كنت في إخوان لي قبل فارس، فتحدثنا ما تحدثنا، ثم قال لي صاحبي: قم يا سلمان انطلق، فقلت: لا دعني مع هؤلاء، قال: إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء يصومون الأحد إلى الأحد، ولا ينامون هذا الليل، وإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى أمسينا، فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي يكون فيه، فلما أمسينا قال ذاك الرجل الذي من أبناء الملوك: هذا الغلام ما يصنع؟ ليأخذه رجل منكم. فقالوا: خذه أنت، فقال لي: هلم يا سلمان، فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه، فقال لي: يا سلمان هذا خبز وهذا أدم، فكل إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم قام في صلاته فلم يكلمني إلا ذاك، ولم ينظر إلي، فأخذني الغم تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد، حتى كان الأحد فانصرف إلي، فذهبنا إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون، قال: وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه، فيلقى بعضهم بعضا ويسلم بعضهم على بعض، ثم لا يلتقون إلى مثله، قال: فرجعنا إلى منزلنا، فقال لي مثل ما قال لي أول مرة: هذا خبز وأدم، فكل منه إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصل ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلي ولم يكلمني إلى الأحد الآخر، فأخذني غم وحدثت نفسي بالفرار، فقلت: أصبر أحدين أو ثلاثة، فلما كان يوم الأحد رجعنا إليهم وأفطروا واجتمعوا، فقال لهم: إني أريد بيت المقدس، فقالوا له: وما تريد إلى ذلك؟ قال: لا عهد لي به، قالوا: إنا نخاف