يا صبحي قد مر قفا جمل، لا يضرب والله المسلم بعدها أبدا، فهم أعوانه أن يخلصوه من يديه، فقال: من هاهنا من فتيان الحي؟ خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس، فهرب القوم جميعا، وأفردوا النصراني فضربه أسواطا، فجعل النصراني يعصر عينيه ويبكي ويقول له: ستعلم. فألقى السوط في الدهليز، وقال: يا أبا حفص ما تقول في العبد يتزوج بغير إذن مواليه؟ وأخذ فيما كنا فيه كأنه لم يصنع شيئا، وقام النصراني إلى البرذون ليركبه فاستعصى عليه، ولم يكن له من يأخذ بركابه فجعل يضرب البرذون، قال: يقول له شريك: ارفق به ويلك فإنه أطوع لله منك، فمضى. قال: يقول هو: خذ بنا فيما كنا فيه، قال قلت: ما لنا ولذا، قد والله فعلت اليوم فعلة ستكون لها عاقبة مكروهة. قال: أعز أمر الله يعزك الله، خذ بنا فيما نحن فيه، قال: وذهب النصراني إلى موسى بن عيسى فدخل عليه، فقال: من بك؟ وغضب الأعوان وصاحب الشرط، فقال: شريك فعل بي كيت وكيت، قال: لا والله ما أتعرض لشريك. فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع.
أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري، قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي. وأخبرنا القاضي أبو الطيب الطبري، قال: حدثنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن مزيد الخزاعي قالا: حدثنا الزبير قال: حدثني عمي عن عمر بن الهياج بن سعيد، قال: أتته امرأة يوما، يعني شريكا، من ولد جرير بن عبد الله البجلي صاحب النبي ﷺ، وهو في مجلس الحكم، فقالت: أنا بالله ثم بالقاضي، امرأة من ولد جرير بن عبد الله صاحب النبي ﷺ، ورددت الكلام، فقال: إيها عنك الآن، من ظلمك؟ فقالت: الأمير موسى بن عيسى، كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي وقاسمت إخوتي، وبنيت بيني وبينهم حائطا، وجعلت فيه فارسيا في بيت يحفظ النخل، ويقوم ببستاني، فاشترى الأمير موسى بن عيسى من إخوتي جميعا، وساومني وأرغبني فلم أبعه، فلما كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط، فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئا، واختلط بنخل إخوتي، فقال: يا غلام طينة، فختم، ثم قال لها: امضي إلى بابه حتى يحضر